عادات وتقاليد الجزائريين في ليلة المولد النبوي الشريف
الإحتفال بالمولد النبوي الشريف
بين العادات و التقاليد و ما يقتضيه ديننا الحنيف تترنح الأراء حول الإحتفال بالمولد النبوي الشريف بين مؤيد و معارض، بين من يقول هو إحتفال عادي و لا يتعارض مع القيم الدينية، و من يقول بدعة و ليس من شيمنا إتباع البدع.
هل حقا الإحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة؟
فقط من يحق لهم الفصل في هذا الموضوع هم رجال الدين، لأنهم الأكفء بالدليل و الحجة و البرهان، لذلك لن نخوض في الموضوع من الناحية الدينية و سنكتفي بالحديث عن طريقة إحتفال أهل الجزائر بهذه المناسبة، في ظل ما يسمح بيه الدين.
فالإحتفال لن يكون بالرقص، أو بما يشين إلى هذه المناسبة العظيمة، فلن يكون إلا شبيها بالإحتفال بيومي العيد الذي شرعهما الله سبحانه و تعالى.
فمن المستحيل أن ينسى يوما خالدا كذلك الذي ولد فيه نور البشرية و خروجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان و الهداية بالإسلام.
التحضير للإحتفال
عادة لا نحتفل إلا بالمناسبات السعيدة، و بما ان مولد سيد الخلق عليه أفضل الصلاة و السلام هو أسعد و أعظم شيء في هذا الوجود، و لسعادتنا بذلك أطلقنا عليه إسم الإحتفال، و الهدف الأسمى منه هو إدخال الأطفال إلى هذا الجو و إستغلال الوقت من أجل رواية سيرة الحبيب المصطفى عليه الصلاة و السلام.
و لخلق جو عائلي من خلال هذه المناسبة، تحضر ربة البيت الجزائرية طبقا تقليديا من اجل وجبة العشاء،
تتبعها سهرة عائلية في شيء من الحلويات كحلاوة الحديث عن مأثر سيد الخلق، و قد لا تتخلى بعض العائلات الحناء مع بعض الزينة ليبدو اليوم يوم فرح.
قبل ذلك بأيام
قبل يوم المولد النبوي الشريف تتزين كل الشوارع بطاولات الباعة الذين يعرضون أجمل الفوانيس، و الشموع المعطرة، حلويات و مكسرات، و ألعاب للأطفال، و الكل يقتني على حسب ما يريد، و حسب ما يحتاجه لجمع عائلته و تكون المناسبة مناسبتين تخليد ذكرى مولد محمد عليه الصلاة و السلام و تقارب لأفراد الأسرة، في جو روحاني معطر بنسمات المولد النبوي الشريف.
الطباق المحضرة ليلة المولد
عادة ما تحضر ربة المنزل طبقا تقليديا، و لكن يختلف ذلك الطبق حسب المنطقة و حتى طريقة تحضير الطبق نفسه، لأن الجزائر غنية بتنوعها الثقافي فقد يكون ذلك الطبق:
كسكس، أو ثريد باللحم، شخشوخة، ثليثلي، و عدة من أطباق جزائرية تقليدية أخرى.
ويتم تحضير نوع من الحلوى، و خاصة الطمينة، و كما سبق و أن ذكرت فإن كل منطقة لها خاصية تحضير طبق أو حلوة لها نفس التسمية، فالطمينة على سبيل المثال لها عدة طرق و كيفيات تحضر بها و لكنهم جميعا يتفقون على أن تحضير هذا النوع من الحلوى لا يكون إلا في مناسبات الإزدياد للمواليد الجديدة، و بذلك يعتبرون أن الرسول عليه الصلاة و السلام يزداد كل عام، بالرغم من أنه حي دائما في قلوبنا و عقولنا.
يصاحب هذه التحضيرات بعض المكسرات و التحليات من أجل قضاء السهرة.
فيجتمع أهل البيت كلهم في موعد واحد من أجل العشاء، و هنا تظهر قيمة هذا الإحتفال في لم شمل العائلة على طاولة واحدة، التي يمكن أن لن تجتمع إلا في مثل هذه المناسبات.
السهرة في كنف الحديث عن السيرة النبوية
و لتكون السهرة ممتعة و حلوة كحلاوة الخوض في الحديث عن السيرة النبوية، يتم تحضير طاولة صغيرة بعد العشاء تتضمن الحلوى و التحليات المحضرة، و كذلك بعض الفوانيس والخيوط المضيئة، و يكون الجو ممتعا خاصة بالنسبة للأطفال، و الذين لا يتم الإحتفال بهذه المناسبة إلا لأجلهم و ذلك من أجل تنشئتهم على أحاديث الرسول عليه الصلاة و السلام، فيكبرون عليها و تبقى معهم حتى الكبر،فيفعلون نفس الشيء مع أطفالهم و بذلك أصبحت عادة عند فئة كبيرة من المجتمع الجزائري.
يتخلل كل هذا الصلاة و السلام على النبي المختار، الخوض في الأحاديث النبوية و نقاش رائع بين أفراد العائلة حول الموضوع، و الكل يشارك بما يعرفه، ضف إلى ذلك أناشيد الأطفال(هنا أتحدث عن العائلات التي فيها الأطفال).
و يختم معظم المحتفلين بوضع الحناء على أيديهم مثلما يفعلون تماما في الأعياد.
و مسلسل الرسالة الذي لا تمر سنة و إلا كنا قد شاهدناه مرة واحدة كأقل تقدير.
الرسول الكريم دائما أمام ناظرينا
الإحتفال بالمولد النبوي الشريف مرة في السنة، لا يعني ذلك أننا ننساه باقي الأيام على العكس تماما، فالواجب أننا نذكره باقي الأيام أكثر و بكثير من ذلك اليوم، فهو شفيعنا و حبيبنا و الفائدة تعود إلينا إن تذكلرناه كما يقتضيه الشرع، فهو الوحيد الذي ينادي يا رب أمتي أمتي.
الرسول الكريم في قلوبنا و عقولنا و على رؤوس ألسنتنا دائما و أبدا.
لا داعي للإحتفال
لا داعي أن تحتفل بالمولد النبوي الشريف إن لم يكن في قلبك دائما، أم أنك تقيم حفلا من أجل السمر و الأكل فقط، هنا أقول لك أن أيام السنة كثيرة.
لا تتذكر الرسول عليه الصلاة و السلام ذلك اليوم فقط، أسكنه قلبك دائما و إلا لا تحتفل.
إعمل قدر المستطاع بما جاء في سيرته أو لا تحتفل.
إن كنت ممن يحتفلون بالمفرقعات و بما فيه مضيعة للمال مثلما يفعله شباب اليوم فلا تحتفل، إختر يوما أخر من أجل المقالب كي لا تشوه هذا اليوم الجميل.
تجنب الشبهات كصنع كيكات على شكل الكعبة الشريفة و كتابة إسم السول عليه الصلاة و السلام.
أهداف رائعة وراء تخليد هذا اليوم
تنشئة الصغار على أنه هذا اليوم كبير و مميز، قد يقول البعض يمكن لهم استيعاب هذا من خلال التربية الإسلامية اليومية، فعلا هذا ممكن، و لكن معروف أن الأطفال يتمسكون بهذا النوع من الأجواء، خاصة و أنه لا يوجد شيء ضمن ما نسميه بإحتفال يمس بالقيم الدينية، فتتفتح أعينهم و عقولهم على أن هذا الرجل عظيم حقا و يكبر ذلك الشعور يوما بعد يوم، نحن لا نبرر و إنما هي وجهات نظر، و الكل يتصرف ضمن قناعته، تبقى نقطة عدم المساس بالقيم تجمعنا أكيد سواء أحتفلنا أم لم نحتفل.
خلق أجواء روحانية في هذه الليلة و الإستعشار كأننا ننتظر مولد محمد عليه الصلاة و السلام في تلك الليلة.
تعليقات
إرسال تعليق